الشطي: هدفنا توثيق العمل الخيري الكويتي وتشجيع الباحثين في تاريخه

الكويت لتوثيق العمل الإنساني مركزاً رائداً في مجاله، حيث يهدف إلى توثيق العمل الإنساني الكويتي وإبراز دوره محلياً وعالمياً، وتشجيع ودعم الباحثين في تاريخ الكويت في العمل الإنساني.

وتقديراً للدور المهم والرائد الذي يقوم به المركز، كان لـ “المجتمع” هذا الحوار مع د. خالد الشطي، رئيس مجلس إدارة المركز.

 

* بداية، نرحب بكم، ونبارك لكم حصولكم على جائزة العمل الإنساني من حضرة صاحب السمو الأمير.

– حياكم الله، ونتشرف أن نكون مع مجلة «المجتمع»، تلك المجلة الرائدة على مستوى العالم الإسلامي، خلال عقود من الزمن، التي تبنت قضايا المسلمين ودافعت عنهم في كل أرجاء العالم. 

* من أين انبثقت فكرة مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني؟

– جاءت الفكرة من خلال دراستي الأكاديمية في رسالة الدكتوراه، حيث كان موضوعها عن «العمل التطوعي في الشريعة الإسلامية وأثره في تنمية المجتمع، مع تجربة دولة الكويت والعمل التطوعي عبر تاريخها»، التي حصلت عليها من جامعة القرويين بالمغرب، ثم عملت في بيت الزكاة وأصدرت عدة إصدارات عن العمل الخيري، منها كتاب عن «دور الكويت في دعم فلسطين».

ثم قمت بعدة زيارات قبل تقاعدي بعامين لمنظمات الأمم المتحدة في سويسرا، وبالتحديد مكتب الكويت للأمم المتحدة هناك، وقابلت سفيرنا جمال الغنيم، وكلما زرت أحد المكاتب أجد ثناءً على نشاط الكويت في العمل الإنساني، وفي كل تقرير سنوي يكون في نهايته فصل خاص بالكويت، يتناول عطاءاتها الإنسانية.

وقد تسنى لي زيارة مقر «يونيسف»، والمنظمة العالمية للهجرة، وتقريباً زرت 4 أو 5 منظمات، وكان الجميع يثني على دور الكويت العظيم رغم صغر مساحتها، وقلة عدد سكانها، لكن دورها الإنساني أهّلها لتكون مركزاً إنسانياً عالمياً، وسمو الأمير قائداً إنسانياً عالمياً، ومن هنا جاءت الفكرة: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا يبخل أهل الكويت بكتابة تاريخ دولتهم الإنساني وإبراز عطاءات الكويت الإنسانية؟

وبعد عودتي للكويت فكرت في الموضوع جلياً، وقمت بتأسيس مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني، وتفرغت له تماماً، حتى أقوم بتوثيق تاريخ العمل الخيري في دولة الكويت.

* إذاً، فعملكم ينصبّ على توثيق العمل الخيري الكويتي منذ تأسيس الكويت إلى يومنا هذا؟

– بالضبط، هذا ما نفعله.

وبمناسبة اليوم العالمي للعمل التطوعي، أصدرنا كتاب «العمل التطوعي الكويتي في أربعة قرون»، يتحدث عن هذا الموضوع.

* ما أهداف المركز؟

– مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني (فنار) لا يهدف للربح، بل هو تطوعي، له رؤية ورسالة، وأهداف تتمثل في توثيق العمل الإنساني الكويتي وإبراز دوره؛ محلياً وعالمياً، ثم تشجيع ودعم الباحثين في تاريخ الكويت بالعمل الإنساني.

والرؤية: الريادة والتميز في توثيق العمل الإنساني الكويتي وفق أسس ومعايير علمية ومنهجية، وتقدير الجهود الإنسانية المبذولة، وتحفيز الأجيال القادمة للاشتغال في هذا المجال. ولدينا خمس قيم ننطلق منها، وهي: المنهجية في التوثيق، والتكامل مع المؤسسات، فنحن لسنا الوحيدين الذين يجب علينا أن نوثق فقط، بل لنا شركاء ومن ثم يوجد بيننا تكامل.

ولدينا قيمة التقدير، وهي تقدير هذه الجهود والروائع التي بُذلت خلال 400 عام.

وكذلك قيمة التحفيز؛ فهذه الكتابات سوف تحفز أبناء الكويت على العطاء، وتعلمهم دور آبائهم وأجدادهم؛ بحيث يكون هناك تحفيز دائم للعمل الإنساني.

وأيضاً قيمة الإيجابية؛ فنحن ندعو دائماً إلى الإيجابية في تنمية المجتمعات بشكل عام.

* هل يوجد تقصير في توثيق العمل الخيري الكويتي؟

– نعم، يوجد تقصير كبير؛ فالجهود التي تتعلق بالتوثيق فردية، يقوم بها مجموعة من الأفراد، وهناك أيضاً جهود بعض المؤسسات، ولكننا نطمح بالمزيد.

وحين نتحدث عن العمل الخيري الكويتي، سنلاحظ أن العاملين فيه مشغولون بالعمل الميداني، وقليل ما تجد في تلك المؤسسات من يهتم بالتوثيق والإصدارات، ولذلك نجد مركز الدراسات والبحوث الكويتية يقوم بهذا التجميع؛ لأن مجلس الوزراء أصدر قراراً خلال الأيام الماضية يطلب من كل مؤسسات الدولة أن تقوم بتجميع وثائقها وإصداراتها وترسلها لمركز الدراسات والبحوث الكويتية؛ لأن له دوراً كبيراً يُشكر عليه، خصوصاً أنه جاء بعد الغزو العراقي الغاشم عام 1990م، ونريد أن نؤكد أن الكويت دولة مستقلة منذ 400 عام، ولها كيانها وتاريخها، وقيمها، وحكامها، وقضاتها، وعلماؤها، وشعبها؛ ولأجل ذلك انطلق مركز الدراسات والبحوث الكويتية، ولديه إصدارات كثيرة.

ونعتقد اليوم أنه آن الأوان أن تقوم الجمعيات الخيرية كلها بتوثيق العمل الخيري؛ حفظاً لجهودها، ووفاء لمن قام بهذا العمل لسنوات طويلة، وعلى سبيل المثال؛ الشيخ أحمد الفلاح، رحمه الله، توفي وليس لدينا أي وثائق أو معلومات عن تاريخه وسيرته، رغم جهوده الكبيرة في خدمة العمل الخيري على مدار 50 عاماً، وإن كانت موجودة، لكنها مبعثرة وتحتاج إلى توثيق وكتابة وثائقية تليق بالجهد الذي قدمه.

* بعض الناس يقومون بعمل الخير بالخفاء، ولا يحبون أن يطلع عليه أحد غير الله سبحانه.. كيف تُحل هذه الإشكالية؟

– هذه الإشكالية موجودة فعلاً عند بعض المتبرعين؛ فهناك عوائل لها أثلاث وأوقاف، ومجهود كبير عبر تاريخ الكويت، وكلما طرقنا الباب لتوثيقها يرفضون، ويقولون: قمنا بتلك الأعمال لوجه الله تعالى، ولا نريد أن يقال: عملنا كذا وكذا، ولا نريد أن نباهي بعملنا، أو أن يفهم الناس أننا نباهي بأعمالنا؛ لأن هذا واجب إنساني وفريضة شرعية، ونحن لا نمنّ بالعطاء على أحد؛ لذا هناك الكثير من الأسر لا ترغب في توثيق عملها، ولا أن نقوم نحن بتوثيق بعض أعمال أفراد من عائلتها، بدعوى أن هؤلاء الرواد كانوا يرفضون ذلك، وقاموا بتوصية أبنائهم بعدم الكتابة عنهم ولا الحديث عن أعمالهم الخيرية.

وبعضهم بدأ يتنازل عن هذا المبدأ بعد أن أيقنوا أن هذا العطاء يجب أن يستمر ويصل إلى الأجيال القادمة، مع انفتاح المجتمعات، والانفتاح على العالم، والتأكيد بأنه لا بد من أن يستمر الأولاد والأحفاد في نهج الأجداد في هذا العمل الخيري، من هنا بدؤوا في توثيق أعمالهم الخيرية حتى يعلم الأبناء ماذا فعل الآباء وينتهجون نهجهم، حتى لا ينقطع هذا العمل الخيري المبارك.

* هل رسالتكم خارجية أم محلية؟

– نحن الآن في المرحلة الأولى، وستكون داخل الكويت، ثم بعد ذلك سننطلق إلى الخليج ثم العالم العربي، والمرحلة التي ستليها نقل تجربة المركز على مستوى العالم، ونعمل على وجود تعاون مع بعض المؤسسات العالمية من أجل توثيق تجارب العمل الإنساني وقيادات العمل الإنساني على مستوى العالم، خلال السنوات الخمس القادمة إن شاء الله تعالى.

* هل أنتم بصدد عمل موسوعة العمل الخيري الكويتي؟

– كانت البداية في كتاب العمل التطوعي الكويتي في أربعة قرون، وهي الأساس والقاعدة، وفي المرحلة القادمة ستكون هناك موسوعة إن شاء الله تعالى.

* هل رصدتم الأعمال الخيرية الخاصة بالسيدات؟

– نعم، هناك غنيمة الفهد، وهدى السلطان، وغيرهما، وفي كل عدد من مجلة «فنار» نستعرض شخصية نسائية، ونتحدث عن حياتها وتاريخها ودورها في العمل الإنساني، والعدد الأخير صدر يوم 8 مارس الماضي، متزامناً مع اليوم العالمي للمرأة، فخصصنا العدد بالكامل عن دور المرأة الكويتية في العمل الإنساني، وكان عنوانه «المرأة الكويتية، ولمسة حانية على العمل الخيري»، واحتوى العدد على شخصيات نسائية، ومقابلات معهن، مثل رقية القطامي، رئيسة مؤسسة مبرة رقية القطامي لمكافحة مرض السرطان.

وإن شاء الله، قريباً سيصدر كتاب اسمه «العمل التطوعي النسائي في دولة الكويت»، سيوثق مسيرة عطاء المرأة الكويتية عبر 400 عام.

 
 
 
قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

أهلا بكم