السيرة الذاتية سيف مرزوق الشملان للدكتور عادل عبدالمغني

( الجزء الأول )
لقاء نادر مع المؤرخ الأستاذ سيف مرزوق الشملان ، اجراه د. عادل العبدالمغني ونشره في كتابة ( لقاء مع الماضي ) عام ١٩٩٦ .
* ارحب بالأستاذ المؤرخ سيف مرزوق الشملان ، ليحدثنا عن جوانب من حياته وانتاجه وغيرها ..
– شكراً جزيلاً لك ، وأنا سعيد جداً لأي سؤال أو أستفسار واشكرك على جهودك الطيبة .
* العم بومرزوق ، اود معرفة سنة ولادتك وأين كانت ..؟
– ولادتي كانت عام ١٩٢٦ بمدينه الكويت القديمة ، وبالتحديد في ( فريج الشملان ) الذي يقع بالقرب من مبنى وزارة الصحة القديمة على شارع الخليج العربي .
* البدايات الأولى للتعليم .. وأين درست ..؟
– في عام ١٩٣٤ ، الحقني والدي رحمه الله في مدرسة المرحوم السيد أحمد العقيل ( في فريجنا ) وهي إحدى المدارس الأهلية وفيها تعلمت الحروف الهجائية والقرآن الكريم ، ثم بعدها التحقت في مدرسة الأستاذ حمود ملا علي وهي كذلك مدرسة أهلية وفيها ختمت القرآن الكريم كاملاً ثم بعد ذلك التحقت في أكبر مدرسة ، هي مدرسة المرحوم عبدالله عبداللطيف العثمان وكانت تقع في ( سكة أبن دعيج ) وفيها تعلمت القراءه ومبادئ الحساب ، وبعد هذه المراحل الثلاث التحقت في شهر أكتوبر من عام ١٩٣٧ في المدرسة الشرقية وهي مدرسة حكومية ثم بعد ذلك في المدرسة المباركية ، وأستمريت على مقاعد الدراسة حتى عام ١٩٥٢ ، وسافرت ودرست في معهد الصحافة في القاهرة .
وخلال مراحلي الدراسية كنت متفوقاً بمادة التاريخ واللغة العربية والدين نتيجة إطلاعي على الكتب .
* ماهي أول الكتب التي جذبتك وقرأتها ..؟
– عندما تعلمت القراءه والكتابة عام ١٩٣٦ ، جذبتني القصص التاريخية القديمة والتي منها سيرة بني هلال وسيرة عنترة وأيضاً سيف بن ذي يزن ، ثم بدأت في التعمق في كتب الأدب العربي والتاريخ فقرأت كتاب مروج الذهب للمسعودي وهو من جزأين وكتاب التمدن الأسلامي لجرجي زيدان وهو من خمسة أجزاء وكتاب أدب الكاتب لأبن قتيبة وأيضاً جواهر الأدب للهاشمي وغيرها الكثير .
* متى بدأت أهتماماتك في التنقيب عن تاريخ الكويت ..؟ وما الدوافع ..؟
– بدأت أهتماماتي منذ تعلمت القراءه والكتابة وشدني في البداية ماوجدتة عند جدي من مراسلات ووثائق قديمة وبرقيات ومخطوطات تعود إلى ماقبل عهد الشيخ مبارك الصباح ، فبدأت بدراستها ورقه ورقه ، كما كان لدى والدي مكتبة تضم الكثير من الكتب والمجلات القديمة ..فكانت ملاذي في الأطلاع والعلم والمعرفة ، أما من ناحية الدوافع فهو حبي العميق للتاريخ وكل ماله صلة بالماضي وأشعر بالسعادة والأرتياح عند التوصل إلى حقائق تاريخية قد تنسيني التعب والجهد الذي بذلته من أجلها .
* ماهي الصعوبات التي تواجهك كمؤرخ في الوصول إلى الحقائق ..؟
– الحقيقة أقولها بكل صراحة ، وهو أني أعاني كثيراً في سبيل الوصول إلى الحقائق التاريخية ، والتاريخ حقائقك أحياناً مؤلمة إذا لم تكن موجعة و ما كل مايكتب يسمح بنشره ، وأن الباحث يكون عرضة للتهجم والأنتقاد لا لشيء سوى أنه أفصح بالحقيقة وهي كما ذكرت مؤلمه ومرة .. ولكن ما السبيل .. هل أصمت .. أم أذكر عكس الحقيقة ، أن كتابة التاريخ مسؤلية وأمانه وصدق وأنا أبذل جهدي لخدمة حقيقة تاريخ الكويت قدر أستطاعتي ، وكان الله في عون المؤرخين والباحثين الصادقين وما اقلهم .. بل ما أندرهم .
* ماهي مصادرك في كتابة التاريخ ..؟
– أعتمد على تعدد وتنوع المصادر وربما اسلوبي يختلف عن أي باحث آخر ، فمشكلتي بأني لا أقتنع من مصدر واحد بل أبحث عن المزيد والمزيد كي أصل إلى الحقيقة في كل تفاصيلها وحيثياتها من المصادر الكتابية والشفوية .
* ما أهم ما اطلعت عليه منها ..؟
– في البداية أطلعت على كتب الأولين في الأدب والتاريخ وهي كثيرة جداً ، كما أعتمدت على المجموعة الكبيرة من الوثائق والمراسلات والمخطوطات التي كانت عند جدي وهي وثائق مهمة في تاريخ الكويت ويعود تاريخها إلى ماقبل عهد الشيخ مبارك وأيضاً أعتمد على المقابلات التي أجريتها مع كبار السن من رجالات الكويت .
* نعلم بأن لديك كثيراً من المخطوطات لم تأخذ طريقها إلى النشر .. ما السبب في تأخر طباعتها ونشرها ..؟
– بصراحة ..وسبق أن قلتها سنة ١٩٥٩ في مقدمة كتابي الأول ( من تاريخ الكويت ) وهو بأن لدي عيبين وهما علة عللي وسبب تأخري في طبع مؤلفاتي ، وأرجو أن لايتصف بها من هو على شاكلتي ، الأول عدم أستقراري على موضوع واحد حتى انهيه ثم أتفرق للموضوع الذي يليه والثاني تعمقي في البحث والأستقصاء فلا أقتنع بما لدي بل أصبو الى المزيد والمزيد ، فالواجب يحتم أن أكتفي بما لدي من معلومات ثم اطبع الكتاب ثم بعد ذلك بالأمكان أن أضيف إليه ماأريد في المستقبل .
* ماذا تنوي أصداره حالياً ..؟
– هناك كتابان سوف يريان النور عن قريب ، الأول ( الكويت الثالثة ) واترك موضوعة ليكون مفاجأه ، وما الثاني فهو عن حياة الشيخ يوسف بن عيسى القناعي ..
* الأهتمام الحالي في المحافظة على المواقع والمباني الأثرية والتاريخية في الكويت ، هل تعتقد وفق المستوى المطلوب .. أم لديك ملاحظات وأقتراحات حول ذلك ..؟
– هناك محاولات وجهود ولكن ناقصة ومبعثرة ..نحن بحاجة إلى جهود مضاعفة للمحافظة على البقية الباقية من معالمنا التاريخية والتراثية ، وبالأخص المساجد القديمة التي في داخل المدينة فمن خلالها يستدل مواليد داخل السور على بيوتهم القديمة ، فيجب أن ترمم بنفس الشكل الذي كانت علية بالسابق ، وغيرها من المدارس القديمة وتكون متاحف ومفتوحة للزوار لا مكاتب للمرظفين ..!!
* هناك أقتراحات تتردد بين الآونه والأخرى تدعو إلى بناء حي ( فريج ) مصغر بنفس الشكل في الماضي ..هل تؤيد هذه الأقتراحات ..؟
– نعم أؤيدها إذا كانت بنفس الشكل وطبق الأصل .
* أين تقترح مكان هذا الحي ..؟
– أي موقع يكون بجانب البحر في مدينة الكويت .
* نود أن نعرف جوانب أخرى من حياتك ..هل نستطيع معرفة هواياتك ..؟
– هوايتي القديمة هي صيد الطيور ( الحبال ) ، وبالأخص في أدوات الصيد القديمة التي تعرف بالفخ والصلابة وأحب الطيور إلى نفسي هو طائر ( الحمامي الأعرُبي ) والذي يعرف باللغة العربية بطائر ( الصُرد ) ورغم صغر حجمة إلا إنهُ يمتاز بالقوة والذكاء وأسميته بملك طيور الربيع في الكويت وكنت مولعاً بتربيتة . أما حالياً فهوايتي تنحصر في القراءه والكتابة وجمع التحف القديمة .
* ماهي الأكلات الشعبية التي تفضلها ..؟
– أحب الأكلات الشعبية إلى نفسي المرقوقة والمموش مع اللحم .
( انتهى الجزء الاول ويليه الجزء الثاني )

( الجزء الثاني )
لقاء نادر مع المؤرخ سيف مرزوق الشملان اجراه د. عادل العبدالمغني ونشره في كتابة ( لقاء مع الماضي ) عام ١٩٩٦ ..
* أسفارك .. كم دولة زرت ؟ وماهي أول هذه الدول ..؟
– سافرت لأول مرة في حياتي في صيف ١٩٤٢ من خلال موسم الغوص على اللؤلؤ في الكويت وكنت مع جدي شملان بن علي بن سيف وهو من أكبر تجار اللؤلؤ في الكويت والأحساء والبحرين ونزلنا إلى البحرين وفي عام ١٩٤٣ سافرت مع والدي في سفينة شراعية للتجارة وشراء وبيع اللؤلؤ ( الطواشة ) وزرت من خلال هذه الرحلة القطيف والبحرين وقطر ودبي .
أما بالنسبة للبلاد العربية ، فإن أول الدول التي زرتها فكانت لبنان وسوريا في سنة ١٩٥٤ وأستغرقت الرحلة بالطائرة خمس ساعات ونصف الى بيروت ، ثم بعد ذلك توالت السفرات وزرت كثيراً من الدول العربية والأجنبية .
* أي من الدول في سفراتك الكثيرة احببتها ..؟
– في الحقيقة .. مصر ، وزرتها لأول مرة عام ١٩٥٩ ، وكانت القاهرة غير مزدحمة بالسكان ونظيفة ورخيصة وبها طبعت كتابي الأول ( من تاريخ الكويت ) .
* في أي سنة ركبت الطائرة لأول مره في حياتك ..؟
– ركبت الطائرة لأول مرة في حياتي مع والدي وكان معنا راكب قطري ثالث وسافرنا في شهر جولاي منعام ١٩٥١ ، وكانت الطائرة صغيرة ( محركين ) وتتسع لسبعة ركاب فقط والرحلة من البحرين إلى الدوحة بقطر.
* هل تتذكر أول مقال كتبته في حياتك ..؟
– نعم.. لقد كان في عام ١٩٥٠ ، وفي مجلة البعث التي تصدر في الكويت ورئيس تحريرها أحمد العدواني ، وعنوان المقال البطل الأعمى المنتحر ، وكان عن رحمه بن جابر الجلاهمة ولم ينشر المقال في العدد الرابع لتوقف المجلة عن الصدور .
* وثاني مقال ..؟
في مجلة الكويت التي كان صاحبها الأخ يعقوب عبدالعزيز الرشيد ورئيس تحريرها عبدالله بن علي الصانع وكان عن الدولة العثمانية والحرب العظمى ، ولم ينشر المقال لتوقف المجلة عن الصدور في العدد السابع .
• مجلة البعثة التي كان يصدرها الطلبة الكويتيون بالقاهرة ، ماهي ابرز مساهماتك بها..؟
_ ساهمت في كثير من المقالات في مجلة البعثة خلال الفتره من١٩٥٢- ١٩٥٤ ، عندما كان رئيس تحريرها الأستاذ الفاضل عبدالله زكريا الأنصاري ..ولكن الحكومة اغلقت المجلة لأسباب سياسية ..!
* ماذا كان موضوع أول مقال لك نشر في مجلة البعثة ..؟
– كان عن تاريخ قطر ونشرتة ابتداء من عام ١٩٥٢ على عدة حلقات ..
* ماذا تحدثني عن برنامجك التلفزيوني الشهير ( صفحات من تاريخ الكويت ).
نعم ..سوف يعود قريباً بعد فترة الانقطاع ، واجري حالياً مقابلات جديدة .. وعلى العموم أني سعيد جداً بهذا البرنامج والمستمر منذ عام ١٩٦٦ وحتى الوقت الحاضر ، وهو من أجل خدمة تاريخ وتراث الكويت وكل ماهو مرتبط بالماضي ، وكم قاسيت المتاعب والمشقة في سبيل برنامجي هذا .
* أود أن تحدثني عن بعض ذكريات الماضي ..أو عن موقف ظريف من أيام الطفولة ..؟
– الماضي جميل في كل شيئ .. وفي ذكرياتك الطفولية البعيدة كل البعد عن الترف والتعقيدات التي يعاني منها أبناء الجيل الحالي ..وفي أيام الطفولة ورغم الشقاوة البريئة.. إلا اننا كنا رجالاً يعتمد علينا في كل شيئ ..ولم نكن اطفال مدللين وطبيعة الحياة صقلتنا على الخشونة وابناء الماضي ركبوا البحر منذ نعومه اظافرهم لتعلم مهن آبائهم وأجدادهم وفي كل المهن والحرف الأخري ..فهل يستطيع ابناء الحاضر جزء من المشقة والتعب ..!
اما بالنسبه للشطر الآخر من السؤال المتعلق بالموقف الظريف ..أو بالأحرى المواقف الظريفه فهي لاتعد ولاتحصى وسوف احكي لك عن واحده منها ..
ففي عام ١٩٣٦ ، خطرت على بالي فكره مع صديقي جراح الرومي ، وقمنا بزراعه ( أثله ) فوق السطح وكما هو معروف بيوتنا في الماضي طينية واخذنا نسقي الاثله بالماء وكبرت وطالت اغصانها وفروعها ..لغرض جذب الطيور لصيدها ..ولم تتم فرحتنا حيث شاهدها والدي وانتزعها بالحال لأمتداد عروقها وخرق السقف وتصبح مشكله لتسرب ماء المطر إلى الدار ..!!
* لفت نظري ونحن الآن في ديوانك العامر ، كمية كبيرة من التحف والآثار النادرة ، منذ متى بدأت في جمعها ..وكم كلفك ذلك من مال..؟
– جميع للآثار بدأ معي منذ طفولتي ، ولكن في عام ١٩٦٥ جائني ميراث من جدتي ٣٥ الف دينار وهو مبلغ كبير جداً بذلك الوقت ، مايعادل قيمه بيتين كل منهما مساحته ١٠٠٠ متر ، وشتريت بهذا المبلغ الأسلحة القديمة والتحف النادره والعملات القديمه واشياء اخرى كثيره وكذلك بنيت متحف على طراز البناء القديم ..!
* قبل ختام هذا اللقاء استاذنا ومؤرخنا بومرزوق ..أود اسألك عن قصة هذه السياره الزرقاء الصغيره في حوش بيتك ..؟
– هذه السيارة عزيزة على نفسي فهي اول سيارة أشتريها في حياتي سنة ١٩٥٥، صناعتها انكليزيه من نوع ( زفير ) وتعتبر الوحيدة من نوعها في الكويت .. واحمد الله بأن العراقيين لم يسرقوها أثناء الغزو ، رغم انهم كانوا معسكرين خارج المنزل ..!
رحم الله استاذي ومُعلمي سيف مرزوق الشملان بواسع رحمته ، ولي وطيد الرجاء من الدولة بالمحافظه على كل مقتنياته من الآثار والتحف والأوراق والمخطوطات لتوضع بمتحف يحمل اسمه ..!

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

16 − خمسة عشر =

أهلا بكم