المربية والمعلمة الأستاذة مريم عبدالملك الصالح معلمة الأجيال وموثقة تاريخ التعليم النسائي في دولة الكويت

ولدت المعلمة والمربية الفاضلة مريم عبدالملك الصالح في 1926/9/25في أسرة كريمة محبة للعلم والعطاء، فجدّتها لوالدها هي المربية الفاضلة (حصة الحنيف) التي حرصت على تعليم بنات الكويت في مطلع القرن الميلادي العشرين ، وقد كرمتها الدولة بتسمية مدرسة باسمها، أما والدها فهو الشيخ الجليل العالم عبدالملك الصالح المبيّض الذي ساهم بشكل كبير في دعم التعليم ونهضته في بدايات ومطلع القرن العشرين، وكرمته الدولة بتسمية إحدى مدارسها باسمه، حيث عمل مدرساً ومربياً، ومشرفاً على تعليم أبناء الكويت ، متنقلاً بين مدارسها، ومساهما في تطوير مناهج تعليمها، حتى أصبح سكرتيراً لدائرة المعارف التي كانت بمثابة وزارة التربية والتعليم آنذاك، حرص الشيخ عبدالملك الصالح على تعليم أبنائه، وكان لابنته مريم نصيباً وافراً من وقته وجهده وعلمه ، فقد تفرغ لتعليمها العلوم المتنوعة ،كالقرآن الكريم والفقه والنحو والتاريخ والجغرافيا.
كما حرص على إرسالها لكتاتيب النساء في الكويت آنذاك وعمرها أربعة سنوات، فتعلمت عند المطوعه نوره اليحيى القرآن الكريم، ثم انتقلت للتعلم عند المطوعه زهرة بنت السيد عمر الكتابة ومبادئ الحساب، وبعد زواج المعلمة زهرة وسفرها مع زوجها وإغلاق مدرستها، بدأ والدها يعلمها منهج المدرسة المباركية الذي يدرسه للأولاد فيها، واستمر والدها في تعليمها في المنزل لمدة قاربت سبع سنوات، وعندما رغبت الكويت بإنشاء المدراس النظامية للبنات في عام 1938م، كانت المربية مريم عبدالملك الصالح أول معلمة كويتية فيها، وذلك عند افتتاح المدرسة الوسطى في منطقة المرقاب عام 1357ه الموافق 1938م، ورغم صغر سنها إلاّ إنها كانت حاصلة على أنواع من المعارف والعلوم التي أهلّتها لتفوز في لجنة اختيار المعلمات لكفاءتها والعلوم التي تحصلت عليها ، فقد تم اختيارها من بين المتقدمات لطلب وظيفة التعليم لتكون أول مدرسة لتعليم بنات الكويت في المدرسة الوسطى ، التي استمرت في التعليم فيها لمدة أربع سنوات، وعندما بدأت الكويت في إنشاء دبلوم التربية النسوية لفتيات الكويت لتأهيلهن للتعليم في المدارس النظامية وتخريج معلمات كويتية يمارسن مهنة التعليم، حرصت مريم عبدالملك الصالح على الدخول في الدبلوم لتزداد معرفة وعلما ، وليساعدها في أداء مهمتها على أكمل وجه، لتكون أول فتاة كويتية حاصلة على شهادة الدبلوم النسوي ، ثم انتقلت من المدرسة الوسطى للمدرسة الجديدة التي تم افتتاحها في منزل الشيخ أحمد الخميس في منطقة القبلة وذلك لمدة عام واحد وذلك في عام 1945م، وفي عام 1946م تم تعيينها ناظرة لمدرسة الزهراء حتى عام 1951م لتكون أيضا أول ناظرة كويتية ، لكنها بعد زواجها وإنجابها وتحملّها لمسئولية بيتها وأسرتها اضطرت للتنازل عن الإشراف والنظارة ، لتعود من جديد في سلك التعليم كمدرسة وذلك في عام 1952م والذي استمرت فيه حتى عام 1961م، ورغم عودتها بعد ذلك للإدارة والاشراف على التعليم متنقلة بين الوظائف الإدارية، إلا إنها استمرت في التعليم حتى عام 1972م، حيث تم تعيينها في قسم شئون الطلبة في وزارة المعارف عام 1962م ثم رئيسة قسم أحوال الموظفات والمستخدمات في نفس الوزارة منذ عام 1965م حتى أوائل عام 1976م، وفي عام 1976م تم تعيينها مراقبة للموظفات والمستخدمات مستمرة في هذه الوظيفة حتى عام 1979م، ثم تعيّنت مراقبة في مكتب وكيل الوزارة، وبعدما اطمأنت على مستوى تعليم البنات في الكويت ودخول عدد كبير من بنات الكويت تدريساً وإشرافاً، تقاعدت عن العمل عام 1984م، حيث مارست التعليم نحوا من أربعين عاما، لتكون نموذجا رائداً في التعليم النسائي في دولة الكويت، وقد حرصت على توثيق هذه التجربة الفريدة بتأليفها لكتاب “التطور التاريخي لتعليم الفتاة في الكويت” والذي صدر في 20 أكتوبر عام 1975م ليكون مرجعا وثائقيا مهما يوثق تاريخ وبدايات التعليم النسائي في دولة الكويت، والذي طبعته مشكورة مطبعة حكومة الكويت.
وبعد تقاعدها بسنة حنّت للتعليم مرة أخرى فافتتحت مدرسة خاصة عام 1985م ، وأطلقت عليها مدرسة (جوهرة الصالح)، كما حرصت على المزيد من تعلم العلوم الشرعية بدخولها في المعهد الديني الذي أكملت فيه الثانوية العامة، وحرصت على دخول جامعة الكويت بكلية الشريعة بعد عام 1990م ، إلا إن أسر أبنها محمد في سجون النظام العراقي سبّب لها ألماً نفسيا، عدلت فيه عن دخول الجامعة.
واستمرت في عطائها ونقل تجربتها وتعليم أبنائها ليواصلوا مسيرة العطاء لدولة الكويت، وقد أحسنت دولة الكويت بتكريمها وتخصيص مدرسة من مدارس البنات في وزارة التربية بإطلاق اسمها عليها، لتخلد جهدها وعطاءها بمدرسة أطلق عليها اسم (مدرسة مريم عبدالملك الصالح).
كما كرمتها الدولة بتقديم جائزة الدولة التشجيعية لها، ونسأل الله تعالى أن يمتعها بالصحة والعافية ويبارك في عمرها ويجزيها عن الكويت ونسائها وفتياتها خير الجزاء، لما قدمته من عطاء كبير امتد لما يقارب من نصف قرن من الزمان، ولا تزال تقدم من تجربتها الرائعة وخبرتها في لقاءات إذاعية وتلفزيونية متعددة للحديث عن تجربة التعليم النسائي في دولة الكويت .
 
                                                            بقلم: د.خالد يوسف الشطي
                                             رئيس مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني “فنار”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مربون من بلدي – د.عبدالمحسن الجارالله الخرافي.
2- التطور التاريخي لتعليم الفتاة في الكويت – مريم عبدالملك الصالح.
3- برنامج رائدات من الكويت – تلفزيون الكويت.
4- برنامج نساء وعطاء-تلفزيون الكويت – غنيمة الفهد.
5- برنامج ذكريات – إذاعة الكويت.
6- برنامج مربون من بلدي الإذاعي – د. عبدالمحسن الخرافي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ستة عشر − ثلاثة عشر =

أهلا بكم